فصل: مطلب عدم وجوب الصلاح على اللّه والبروج ومواقعها ومعانيها:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وهذه بخلاف ربما إذ لا تدخل على الأسماء كما بيناه آنفا في الآية الثانية {تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ} ليشهدوا على دعواك رسالة اللّه لنا كي نصدّقك {إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} بها قال تعالى: ردا عليهم {ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ} على طلبكم الواهي وما ننزلهم {إِلَّا بِالْحَقِّ} عند إرادتنا إنزال العذاب بأحد، وعند قبض الروح، وعند إنزال الوحي، وعند اقتضاء أمر تقتضيه حكمتنا {وَما كانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ} ممهلين بل لأوقعنا بهم العذاب حالا مع نزول الملائكة، نزلت هذه الآية في كفار مكة القائلين إلى محمد صلّى اللّه عليه وسلم أنزل علينا ملائكة ربك الذين تزعم ليشهدوا أنك صادق بوعدك ووعيدك كي نصدقك، قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} عليك يا سيد الرسل أصدّقوا أم كذّبوا {وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ} من كل ما يقدح فيه كالتحريف والتغيير والزيادة والنقص، بحيث لو أن أكبر رجل قرأه بزيادة حرف أو نقصه أو تبديل حركة منه لردّ عليه الصبيان، إذ لا يراعى في لحنه كبير لكبريائه، وهو الموجود بين الدفتين الآن كما كان قبل يكون بعد المتواترة قراءته كما هي فيه، كيف لا وهذا العهد من اللّه تعالى بحفظه له على الصورة التي أنزلت عليها، وبقائه معمولا به إلى آخر الزمان فلا يقدر أحد على إحداث شيء فيه أو إزالة شيء منه البتة بمقتضى عهده هذا، وهذا من خصائصه، لأن غيره من الكتب السماوية تطرقت إليها الأيدي بالزيادة والنقصان من تحريف وتبديل، وأدخل فيها من ما ليس منها يسبب تسلط بعض الملوك على القسوس والرهبان وأهل العلم من أهل الكتابين، وبسبب الترجمة وأسباب دنيوية وقسرية، لأن التوراة حرفت مرارا وتداولتها أيدي الملوك وعلماء السوء، والإنجيل لم ينزل دفعة واحدة ولم يجمع على عهد المسيح ولم يعلم بصورة صحيحة الذي نفله من السريانية إلى العربية، وأن الأناجيل الأربعة المعمول بها الآن وإن كانت من حيث المعنى على توافق غالبا فإنها مختلفة من حيث اللفظ، وكلام اللّه لابد وأن يكون موافقا بعضه لبعض حرفيا في اللفظ والمعنى، وكلها مخالفة لإنجيل برنابا الذي هو موافق من حيث المعنى للقرآن العظيم بشأن صون سيدنا عيسى من الصلب وعدم توصل أيدي اليهود القذرة إلى طهارته وقدسيته، وأن المصلوب هو يهوذا الأسخريوطي المنافق الذي دلهم عليه ليمسكوه ويقتلوه، فألقى اللّه شبهه عليه جزاء وفاقا كما سيأتي تفصيله في [الآية 187 من سورة النساء]، وقال اللّه تعالى في حق هذا القرآن {مُصَدِّقًا لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ}، بما يعم التوراة والإنجيل وغيرهما، ولذلك تعهد اللّه بحفظه ولم يشر إلى مثل تلك الآية فيها لعلمه أن يقع فيها ما يقع من التغيير والتبديل، وقد ولى حفظها إلى الربّانيين والأحبار فاختلفوا وذهب كل منهم مذهبا في تأويلها، ففسر كل منها على ما تهواه نفسه، أما القرآن فقد أنزله اللّه تعالى على النبي العربي الأمي بلغته ولغة قومه وأبقاه كما أنزله وسيبقى على حاله إلى يوم القيامة إذ جعله معجزا مباينا لكلام البشر لا يقدر أحد أن يعارضه في إعجازه وفصاحته وبلاغته ولو زيد فيه حرف أو أنقص منه حرف لتغيّر نظمه ومبناه، ولو غيرت منه كلمة أو بدلت ذهب رونقه ومعناه، ولو قدم أو أخر منه شيء لاختلف المراد من مغزاه، ولو حرف حرف منه لتبدلت أحكامه وقضاياه، فيظهر لكل عاقل بالضرورة أنه ليس من القرآن ويخرج عن كونه كلام الملك الديان، وقد سخر اللّه تعالى عبادا من خلص عباده يذبّون عنه دواعي المبتدعة والملاحدة وأهل الكتابين المتعصبين بغير الحق، وأبقاهم كذلك إلى اليوم الذي قدر فيه رفعه ممن ليس بأهله، فصانه على هذه الصورة من كل إفساد وإبطال، وأبقاه كما أنزله صادعا بالحرام والحلال والأخبار والأمثال والحمد للّه رب العالمين.
هذا وما جرينا عليه من عود الضمير في له إلى القرآن أولى وأليق وأحسن من عوده إلى محمد صلّى اللّه عليه وسلم بداعي أن اللّه تعالى ذكر الإنزال والمنزل وكنى به عن المنزل عليه بعود الضمير له وهو محمد صلّى الله عليه وسلم مع أن هذا معلوم بالبداهة، وإن سياق الآية يأبى عود الضمير إليه بل عوده لأقرب مذكور، وهو الذكر أوجب وأصح وأشهر.
قال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ} يا محمد رسلا كثيرة {فِي شِيَعِ} فرق {الْأَوَّلِينَ} السابقين {وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ} فكذلك قومك قد أساءوا الأدب معك مثلهم،
أنزل اللّه هذه الآية تسلية لحضرة الرسول عند ما تجرّأ عليه قومه وسلطوا عليه السفهاء والعبيد بعد وفاة عمه أبي طالب وزوجته خديجة رضي اللّه عنها يخبره فيها أن عادة الكفار قديما التعدي على أنبيائهم وإساءة الأدب معهم، فلك أسوة بهم وعليك أن تصبر على أذاهم وجفاهم كما صبر من قبلك {كَذلِكَ} مثل ما سلكنا الضلال والكفر والتكذيب للرسل والاستهزاء بالذكر في قلوب فرق الأولين، فإنا أيضا {نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ} من قومك لأنهم أشر وأكفر من غيرهم، والشيعة أتباع الرجل وفرقته إذا اتفقوا على مذهب واحد وطريقة واحدة.
ومعنى السلك النفاذ وهو إدخال الشيء بالشيء كالخيط بالإبرة.

.مطلب عدم وجوب الصلاح على اللّه والبروج ومواقعها ومعانيها:

وهذه الآية حجة على المعتزلة القائلين في وجوب خلق الأصلح للعبد على اللّه تعالى خلافا لاعتقاد أهل السنة والجماعة، قال في جوهرة التوحيد:
وما قيل إن الصلاح واجب ** عليه زور ما عليه واجب

وقال في بدء الأمالي:
وما ان فعل أصلح ذو افتراض ** على الهادي المقدس ذي التعالي

وقال الواحدي: قال أصحابنا أضاف اللّه سبحانه إلى نفسه إدخال الكفر في قلوب الكفار وحسن ذلك منه، فمن آمن بالقرآن فليستحسنه، ومن قال إنه لم يجر للضلال والكفر ذكر في هذا اللفظ، فكيف تضيفون الضمير في نسلكه إليه، هو قول مردود لأنه تعالى قال: {وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ} فالضمير في به عائد إلى الرسول والضمير في نسلكه عائد إلى الاستهزاء، والاستهزاء بالرسول كفر وضلال، فثبت صحة للقول بأن الذي يسلك في قلوب المجرمين هو الكفر والضلال، وإنما نسلكه في قلوبهم لأنهم {لا يُؤْمِنُونَ} أولئك الكفرة {بِهِ} بالذكر المنزل عليك، وهو القرآن {وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ} التي سنها اللّه لعباده في عدم إيمان الكافرين الذين سبق في علمه أذلّا أنهم يموتون كفارا وأنهم يهلكون بعذاب منه، لأنهم يصرّون على الكفر، وفيه وعيد وتهديد لأهل مكة بأنهم إذا لم يؤمنوا يكون مصيرهم الهلاك كالأمم السابقة، قال تعالى: {وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ بابًا مِنَ السَّماءِ} على خلاف العادة ليؤمنوا بك {فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ} يصعدون وينظرون ما فيها من العجائب العظيمة، والمعارج المصاعد وهي قواطع السلم الذي يصعد عليه بها كالدرج، {لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا} حبست عن النظر وتحيّرت وأغشيت بما يمنعها من حقيقة المرأى، أي لأنكروا ما شاهدوه فيها وجعلوه خيالا ولم يتعظوا بشيء من ذلك ولقالوا {بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ} من قبل محمد، إذ موّه وخيل لنا أشياء لا حقيقة لها، والمعنى أن اللّه تعالى يقول لو جعل لهم ذلك على سبيل الفرض وشاهدوه عيانا لما آمنوا ولقالوا قد سدت أبصارنا عن الحقيقة أو سحرنا محمد، وأصروا على كفرهم، وهؤلاء الذين هم في أزل اللّه يموتون على كفرهم لا ينتفعون بما آتاهم اللّه من الهدى والرشد.
قال تعالى: {وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجًا} عظاما كالقصور العالية الفخمة في الأرض، من حيث الاسم وإلا فلا يقاس بعظمتها ما في الدنيا كلها، وصيرناها منازل للشمس في سيرها وهي بروج الفلك الاثني عشر، ولكل برج منها ثلاثون درجة، فمجموعها ثلاثمائة وستون درجة وتقطعها الشمس في كل سنة مرة واحدة كل برج في شهر، وبها تتم دورة الفلك، ويقطعها القمر في ثمانية وعشرين يوما، وتنقسم على المواسم الأربعة.
أما منازل القمر فهي ثمانية وعشرون منزلة لكل برج منزلتان وثلث، إذ ينزل كل ليلة منزلة وتقيم الشمس في كل منزلة منها ثلاثة عشر يوما، وهي مواقع النجوم التي أقسم اللّه بها.
وقد نسبت العرب إليها الأنواء الممطرة التي وعدنا ببيانها قبل في الآية 21 من سورة يونس المارة، وها نحن أولاء نبينها على التفصيل فنقول وباللّه التوفيق وهو الملك الجليل:
المنزلة الأولى الشرطان بفتح الشين والراء مثنى شرط بفتحتين، وهما كوكبان نيّران من القدر الثالث على قرني الحمل معترضان بين الشمال والجنوب، بينهما ثلاثة أشبار بالنسبة لما نراه وبقرب الجدي منهما كوكب صغير، قد سمتها العرب كلها أشراطا ويقولون بسقوطها علامات المطر والريح والقمر يحاذيهما وبقرب الشمال منهما كوكب صغير نيّر وهما الشرطان عند بعض، ويقال الشرطين الناطح أيضا.
وأما السرطان بالسين فهو ورم سوداوي يبتدىء مثل اللوزة وأصغر، فإذا كبر ظهر عليه عروق حمر وخضر شبيهة بأرجل السرطان لا مطمع من برئه، وإنما يعالج لئلا ينمو ويزداد، أو داء في رسغ الدابة، أو دابة نهرية كثيرة النفع لنهش الكلب، وبحرية تحرق وتوضع بالأكحال راجع القاموس المحيط في تفاصيلها، ويطلق على البرج السماوي.
الثانية البطين تصغير بطن، وهي ثلاثة كواكب صغار كأنهن أنافي خفية من القدر.
الخامس على شكل مثلث حاد الزوايا على فخذي الحمل بينه وبين الشرطين قيد رمح بالنسبة لرؤيتها، وهكذا فيما بعده، والقمر يجتاز بها أحيانا.
الثالثة الثّريا تصغير ثروى من الثراء وهو الكثرة وتسمى النجم، وهي ستة كواكب مجتمعة كشكل المروحة مقبضها نحو المشرق فيه انحناء من جانب الشمال، وقد شبهها قيس بن الأسلت بعنقود عنب، قال أحيحة بن الجلاح:
وقد لاح في الصبح الثريا كما ** ترى كعنقود ملاحية حين نوّرا

والمرصود من كواكبها أربعة من القدر الخامس وموضعها سنام الثور، ويليه الحمل وقد يكسفها القمر.
الرابع الدبران بفتحتين سمي به لأنه دبر الثريا وخلفها وهو كوكب أحمر نير من القدر الأول على طرف صورة السبعة من رقوم، ويسمى المجدع وموقعه عين الثور، والذي على طرفه الآخر من القدر الثالث على عينه الأخرى، والثلاثة الباقية وهي من القدر الثالث أيضا على وجهه وزاوية هذا الرقم على خطم النور، وقد بسمى بقلب الثور، وقد يكسفه القمر أيضا.
الخامس الهقعة بفتح الهاء وسكون القاف وفتح العين المهملة، وهي ثلاثة كواكب خفقفة من القدر الخامس مجتمعة شبيهة بنقط الثاء كأنها لطخة سحابية شبهت بالدائرة التي تكون في عرض زور الفرس أو بحيث تصيب رجل الفارس أو بلمعة بياض تكون في جنب الفرس الأيسر، وتسمى الأثافي جمع أثفية، وهي الأحجار الثلاثة التي يركب عليها القدر حين توضع تحته النار، وهي على رأس الجبار المسمى بالجوزاء والقمر يحافيها ولا يقاربها.
السادسة الهنعة بالنون على وزن الهقعة، وهي كوكبان من القدر الرابع والثالث شبهت بسمة في منخفض عنق الفرس وهما على رجل التوأمين مما يلي الشمال بمنكب الجوزاء الأيسر والقمر يمر بهما.
السابعة الذراع وهو كوكبان زهراويان من القدر الثاني على رأس التوأمين ويقال لهما ذراع الأسد المبسوطة، لأن المقبوضة هي الشعرى الشامية مع فروعها والقمر يقارب المبسوطة.
الثامنة النثرة وهي الفرجة بين الشاربين حيال وثرة الأنف وهو أنف الأسد وهما كوكبان خفيان من القدر الرابع بينهما قدر ذراع ولطخة سحابية وهي على وسط السرطان وبقربهما كوكبان يسميان بالجمارين واللطخة بينهما بالمعلف تشبيها لها بالتبن وبمحنطة الأسد أي موضع استتاره ويكسف القمر كلا منهما.
التاسعة الطرف من القوس وهو ما بين السبّة والأنهرين أي قريب من الذراع من كبدها، والأنهران العوا والسماك، وسمي الأنهران لكثرة ما بهما من النجم، وهي كوكبان صغيران من القدر الرابع أيضا أحدهما على رأس الأسد قدام عينيه، والأخر قدام يده المقدمة، والقمر يحاذي أشملهما، ويكسف أجنبهما، ويعنون بالطرف عين الأسد.
العاشرة الجبهية أي جبهة الأسد وهي أربعة كواكب على سطر فيه تعريج آخذ من الشمال إلى الجنوب أعظمها على طرف السطر مما يلي الجنوب، وتظهر للرائي واحدة منفردة وثلاثة كالأثافي ويسمى قلب الأسد لكونه في موضعه، ويسمى الملكي أيضا وهو من القدر الأول والقمر يمرّ به وبالذي يليه.
الحادية عشرة الزبرة بضم الزاي وسكرن الباء وهي كوكبان نيّران على أثر الجبهية بينهما أرجح من ذراع وهما على زيرة الأسد أي كاهله عند العرب وعند المنجمين عند مؤخره، فزبرة الأسد شعره الذي يزبر عند الغضب في قفاه أجنبهما من القدر الثالث وأشملهما من الثاني، وتسمى ظهر الأسد، والقمر يحاذيهما من جهة الجنوب حتى كأنه نزلهما رأي العين.
الثانية عشرة الصرفة سميت بذلك لأن البرد ينصرف عند سقوطه، وهو كوكب واحد على طرف ذنب الأسد، وتسمى ذنب الأسد، والقمر محاذبه من جهة الجنوب.
الثالثة عشرة العوّي بالقصر وقد تمد وهي خمسة كواكب من القدر الثالث على هيئة لام في الخط العربي تشبه القنا ثلاثة منها آخذة نحو من منكب العذراء الأيسر إلى تحت ثديها الأيسر وهي على سطر جنوبي من الصرفة، وينعطف اثنان منها على سطر يحيط مع الأول بزاوية منفرجة، زعمت العرب أنها كلاب تعوي خلف الأسد، ولذلك سميت العواء، وقيل كأنها تعوي في أثر البرد، ولذلك تسمى طارودة البرد أو مأخوذة من الانعطاف تقول عوى الشيء إذا عطفه، وتطلق على سافلة الإنسان، وتسمى ورك الأسد، والقمر يخرقها.
الرابعة عشرة السماك الأعزل وهو كوكب نيّر من القدر الأول من حيث الضياء وهو يتفاوت ما بين الواحد والواحد والعشرين، إلا أن البشر لا يدرك أكثر من ذوي القدر الخامس، لأن السادس هو السها وقل من يدركه من البشر، لأن بصره لا يتعداه، وهو على كتف العذراء الأبسر، قريب من المنطقة، والقمر يمر به ويكسفه، ويقابله السماك الرامح الذي لم يعد من المنازل، وسمي رامحا لكوكب يقدم كأنه رمحه، وسمي سماكا لأنه سمك أي ارتفع، ومن قال إنه كوكبان نظر إليهما معا تسامحا والصواب ما ذكرناهـ.
الخامسة عشرة الغفر وهي ثلاثة كواكب من الرابع على ذيل العذراء، ورجلها المؤخرة على سطر معوج حدبته إلى الشمال، وقيل أيضا كوكبان والقمر يمر بجنوبهما وقد يحاذي الشمال وهو منزل خير بعد عن شرين مقدم الأسد ومؤخر العقرب، ويقال إنه طالع الأنبياء والصالحين وسميت غفرا لسترها ونقصان نورها، وقيل هي من كواكب الميزان.
السادسة عشرة الذّبانا بالضم وهي كوكبان نيران من الثاني متباعدان من الشمال والجنوب بينهما قيد رمح على كفتي الميزان، وقيل إنهما قرنا العقرب والقمر قد يكسف جنوبهما.
السابعة عشرة الإكليل وهو ثلاثة كواكب خفية معترضة من الشمال إلى الجنوب على سطر مقوس يشبه شكلهما شكل المغفر، الأوسط منها متقدم والاثنان تاليان، وهي من الرابع والقمر يمر بجميعها، وقيل هي أربعة كواكب برأس العقرب، ولذلك سميت إكليلا الذي معناه في الأصل تاج الملك.
الثامنة عشرة القلب وهو قلب العقرب كوكب أحمر ونهر وسط الثلاثة التي على بدن العقرب، على استقامة من الغرب إلى الشرق، وهو من الثاني واللذان قبله وبعده من الثالث، ويسميان بناطين، والقمر يمرّ به ويكسفه من المنطقة.
التاسعة عشرة الشولة بفتح الشين واللام وتسمى ابرة العقرب عند الحجازيين، وهي كوكبان من الثاني وزهران متقاربان على طرف ذنب العقرب في موضع السحمة والقمر يحاذيهما.
العشرون النّعائم وهي أربعة كواكب من الثالث على منحرف تابع للشولة وتسمى النعائم الواردة إلى المجرّة، والقمر يمر باثنين منها ويحاذي الباقية، ويقرب منها أربعة أخرى من الثالث على منحرف، وهي النعائم الصادرة من المجرة وكلها من صورة الرامي، وسميت نعائم تشبيها بالخشبات التي تكون على البئر.
الحادية والعشرون البلدة وهي قطعة من السماء خالية من الكواكب مستديرة تقع بين النعائم وبين سعد الذابح فينزلها القمر وقد يعدل عنها فينزل بالقلادة وهي ستة كواكب صغار في برج القوس تنزلها الشمس في أنصر أيام السنة، شبهت ببلدة الثعلب وهي ما يكنّه بذنبه، وتسمى المفازة والفرجة أيضا تشبيها بالفرجة الكائنة بين الحاجبين وموضعها خلف الكواكب التي تسمى بالقلادة، وهي عصابة الرامي.
الثانية والعشرون سعد الذابح وهو كوكبان على قرن الجدي بينهما قدر باع بالنظر لما نرى جنوبيهما من الثالث والقمر يقاربه ولا يكسفه، وبقرب الشمال كوكب صغير يكاد يلتصق به يقال إنه شاته التي يريد أن يذبحها، وقيل إنه في مذبحه ولذلك سمي بالذابح.